تم النسخ!
شد العضلة الخلفية للفخذ: دليلك الشامل لأسباب وأعراض وعلاج تمزق الهامسترنج
تعد إصابة العضلة الخلفية للفخذ، أو ما يعرف بـ "تمزق الهامسترنج"، واحدة من أكثر الإصابات الرياضية شيوعا وإزعاجا، والتي تصيب الرياضيين في مختلف التخصصات، من عدائي المسافات القصيرة إلى لاعبي كرة القدم. تتكون عضلات الهامسترنج من ثلاث عضلات رئيسية تمتد على طول الجزء الخلفي من الفخذ، من الحوض وحتى أسفل الركبة، وتلعب دورا حيويا في حركات ثني الركبة ومد الفخذ. إن الشعور بألم حاد ومفاجئ كأنه "لسعة كهربائية" خلف الفخذ هو العلامة الكلاسيكية لهذه الإصابة التي قد تبعد اللاعبين عن الملاعب لأسابيع أو حتى أشهر.
تحليل شخصي: من واقع الممارسة والمتابعة، نرى أن هذه الإصابة بالذات تحمل طابعا "خادعا". فالرياضي قد يشعر بتحسن مبدئي سريع بعد الإصابات الطفيفة، مما يدفعه للعودة إلى النشاط بقوة قبل اكتمال الشفاء الحقيقي للألياف العضلية. هذه العودة المتسرعة هي السبب الرئيسي لتحول إصابة بسيطة إلى مشكلة مزمنة ومتكررة، مما يؤكد على أهمية الصبر والالتزام ببروتوكول إعادة تأهيل مدروس.
⚠️ إخلاء مسؤولية طبية: هذا المحتوى ذو طبيعة توعوية ولا يشكل استشارة طبية احترافية ولا يغني بأي حال من الأحوال عن الاستشارة الطبية المهنية. يشدد بشكل قاطع على ضرورة استشارة الطبيب المعتمد قبل أي إجراء علاجي، لضمان التقييم الدقيق والمناسب لحالتك الفردية وسلامتك.
![]() |
| إعادة التأهيل تحت إشراف متخصص أمر حاسم لمنع تكرار إصابة العضلة الخلفية |
في هذا المقال، سنغوص في أعماق إصابة الهامسترنج، مستعرضين أسبابها الشائعة، وكيفية تمييز أعراضها المختلفة، والدرجات المتفاوتة لشدتها، بالإضافة إلى استراتيجيات العلاج الفعالة وبروتوكولات الوقاية التي يجب على كل رياضي معرفتها.
ما هي أسباب تمزق العضلة الخلفية للفخذ؟
يحدث تمزق الهامسترنج عندما تتعرض العضلة للتمدد بشكل مفرط يتجاوز قدرتها على التحمل، أو عند انقباضها بشكل مفاجئ وعنيف. غالبا ما تحدث هذه الإصابة خلال الأنشطة التي تتطلب تسارعا وتباطؤا مفاجئين، مثل الركض السريع، القفز، أو ركل الكرة.
وهذا يشبه ما يحدث عند شد شريط مطاطي بارد بشكل مفاجئ وقوي، فإنه ينقطع. أما إذا تم تسخينه وتمديده ببطء وتدرج، فإنه يستجيب بمرونة. هكذا هي العضلات، فالإحماء غير الكافي هو أحد أكبر الأخطاء التي يقع فيها الرياضيون الهواة والمحترفون على حد سواء، مما يجعلهم فريسة سهلة لهذه الإصابة.
تشمل عوامل الخطر الرئيسية ما يلي:
- عدم كفاية الإحماء: القفز مباشرة إلى التمرين الشديد دون تهيئة العضلات يزيد من خطر الإصابة بشكل كبير.
- إجهاد العضلات: العضلات المنهكة تكون أقل قدرة على امتصاص الطاقة وتصبح أكثر عرضة للتمزق.
- ضعف العضلات وعدم توازنها: عندما تكون عضلات الفخذ الأمامية (الكوادريسبس) أقوى بكثير من عضلات الهامسترنج، يمكن أن يؤدي هذا الخلل إلى زيادة العبء على العضلات الخلفية.
- تاريخ سابق للإصابة: من تعرض لإصابة في الهامسترنج من قبل هو أكثر عرضة لتكرارها، خاصة إذا لم تكتمل عملية إعادة التأهيل بشكل صحيح.
- ضعف المرونة: الأشخاص الذين يعانون من قصر أو تيبس في عضلات الهامسترنج يكونون أكثر عرضة للإصابة عند القيام بحركات تتطلب مدى حركيا واسعا.
الأعراض ودرجات الإصابة: من الشد البسيط إلى التمزق الكامل
تختلف أعراض تمزق العضلة الخلفية بشكل كبير اعتمادا على شدة الإصابة، والتي يتم تصنيفها عادة إلى ثلاث درجات.
| الدرجة | وصف الإصابة | الأعراض الشائعة |
|---|---|---|
| الدرجة الأولى (خفيفة) | شد أو تمزق بسيط في عدد قليل من الألياف العضلية. | ألم خفيف ومضض عند لمس المنطقة، قد لا يعيق المشي الطبيعي ولكن يظهر عند الجري أو الإطالة. تورم بسيط. |
| الدرجة الثانية (متوسطة) | تمزق جزئي في العضلة، يشمل عددا أكبر من الألياف. | ألم أكثر حدة، تورم ملحوظ، ظهور كدمات، ألم عند المشي (عرج)، وفقدان واضح في قوة العضلة. |
| الدرجة الثالثة (شديدة) | تمزق كامل للعضلة، وقد تنفصل عن الوتر أو العظم. | ألم شديد ومفاجئ، سماع صوت "فرقعة" أو طقطقة لحظة الإصابة، تورم وكدمات شديدة، عدم القدرة على تحمل أي وزن على الساق المصابة. قد يظهر فجوة أو انبعاج واضح في مكان التمزق. |
يعتمد التشخيص عادة على التاريخ المرضي والفحص السريري الدقيق الذي يجريه الطبيب. في بعض الحالات، خاصة في الإصابات الشديدة أو عند الشك في وجود كسر قلعي (حيث يسحب الوتر قطعة صغيرة من العظم)، قد يلجأ الطبيب إلى الفحوصات التصويرية مثل الموجات فوق الصوتية (السونار) أو الرنين المغناطيسي (MRI) لتأكيد التشخيص وتحديد مدى الضرر بدقة.
مسارات العلاج والوقاية
تعتمد خطة العلاج على درجة الإصابة. معظم حالات تمزق الهامسترنج من الدرجة الأولى والثانية يمكن علاجها تحفظيا (بدون جراحة)، بينما قد تتطلب إصابات الدرجة الثالثة تدخلا جراحيا.
ونرى أن مبدأ "PRICE" هو حجر الزاوية في التعامل الأولي مع هذه الإصابة. هذا المبدأ ليس مجرد إسعافات أولية، بل هو الخطوة الأولى التي تحدد مسار التعافي بأكمله. تجاهل هذه الخطوات في الساعات الـ 48 الأولى يمكن أن يزيد من التورم والنزيف الداخلي، مما يطيل فترة الشفاء بشكل كبير ويعقد عملية إعادة التأهيل لاحقا.
العلاج التحفظي (لدرجة 1 و 2):
- بروتوكول PRICE: وهو اختصار لـ (الحماية، الراحة، الثلج، الضغط، الرفع). يجب تطبيقه فورا ولمدة 48-72 ساعة للسيطرة على الألم والتورم.
- الأدوية: يمكن استخدام مسكنات الألم ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية (مثل الإيبوبروفين) بعد استشارة الطبيب.
- العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل: بعد زوال المرحلة الحادة، يبدأ برنامج إعادة تأهيل تدريجي تحت إشراف أخصائي علاج طبيعي. يركز البرنامج على استعادة مدى الحركة، ثم تمارين التقوية (خاصة التقوية اللامركزية)، وتمارين المرونة والتوازن.
العلاج الجراحي (لدرجة 3):
- يتم اللجوء للجراحة في حالات التمزق الكامل للعضلة أو عندما يكون هناك كسر قلعي. يقوم الجراح بإعادة خياطة العضلة الممزقة أو إعادة تثبيت الوتر في مكانه على العظم.
أما الوقاية، فتظل هي خط الدفاع الأول والأهم. وهي تشمل الإحماء الشامل قبل أي نشاط رياضي، اتباع برنامج منتظم لتمارين الإطالة والتقوية للحفاظ على توازن القوة والمرونة بين عضلات الفخذ الأمامية والخلفية، وزيادة شدة التمرين بشكل تدريجي وتجنب الإرهاق.
في الختام، إن إصابة العضلة الخلفية للفخذ، رغم شيوعها، ليست إصابة يمكن الاستهانة بها. فهم أسبابها، والتعرف على أعراضها، واحترام درجاتها المختلفة هو مفتاح العلاج الناجح. إن العلاج لا يتوقف عند زوال الألم، بل يستمر حتى اكتمال برنامج إعادة التأهيل واستعادة العضلة لكامل قوتها ومرونتها. إن الاستماع لجسدك ومنحه الوقت الكافي للشفاء ليس علامة ضعف، بل هو قمة الاحترافية والذكاء الرياضي لضمان مسيرة طويلة ومستدامة في عالم الرياضة.
















